Monday, September 26, 2011

صباح برائحة الكراهية..



أقتربت مني وهمست في أذني.."مش انتي أسماء؟؟"وقبل أن ألتفت شممت رائحة كريهه اعرفها جيداً وصوتها المبحوح الشرير مألوف .بالنسبة لي أيضاً وعندما استدارت في دهشه غير مصدقة أن أسوأ كوابيسي تتحقق الآن..وتقينت أنها هي "أبلة نجوي بتاعة الدين "ترتدي النقاب الأسود وتطل بعينيها بنفس الحدة إلا أن كرمشة ملحوظة ظهرت حول عينيها لكن هي نفس العنين والرائحة التي تبعث منها لأن ملابسها كثيرة وغير مريحة فتضاعف رائحة العرق..أسقط في يدي


عادت إلي الذكريات بنفس مشاعر الخوف وقلة الحيلة والدهشة ..كنت في الصف الثاني الابتدائي أحمل سنواتي السبعه أحب المدرسة ولي أصحاب كثيرون ،كنت أجلس في دكة الفصل في الصف الثالث وكانت تجلس بجواري مريم فتاة رقيقة جدا ومنظمة وخطها منمق للغاية ورائحة ملابسها منعشة وكنا نقتسم الساندوتشات سوياً فكانت أمي تصر أن تصنع ساندوتشات البيض المسلوق والجبنة الرومي..وكانت أم مريم بارعة في صنع المربات فكانت مريم دائما ما تأتي بسندوتش مربي جزر وبرتقال وكنت أحبها جدا في حين أن مريم كانت تحب الجبنة الرومي أكثر فاتفقنا أن نتبادل السندوتشات سوياً وكنا نتأمر وندخر من مصروفنا لشراء الأيس كريم..تحديدا دولسي اللي هوا نصها فانيليا ونصه شيكولاته وكنت أنا أكل الشيكولاته وتأكل هي النصف الثاني :) كنا نلعب سوياً في الفسحة..


انتظمت حصة الدين وكنت لا أفهم لماذا تتركني مريم في الفصل وتخرج للعب في الحوش لأن المدرسة كانت في إنتظار تعيين مدرس دين مسيحي، وكان لا يأتي وعندما تنتهي الحصة تأتي مريم لتحكي لي كيف استمتعت بهذه الحصة وذهبت للعب في حوش المدرسة وتارة لحجرة الموسيقي وتارة أخري للكانتين..كنت أغتاظ بشدة لماذا تحصل مريم علي وقت لعب إضافي وأنا لا؟؟؟






قررت أن أتسلل مع مريم لألعب في الحوش معها، في الحصه التالية دخلت أبلة نجوي وبصوتها المبحوح ..المسيحين يخرجوا لي بره عشان عندنا حصة للمسلمين..تسللت خارجة مع مريم وخرجنا سوياً من الفصل أنا وهي وحوالي خمسه أخرين، أحسست بإنتصار عظيم لحظة الخروج ولم يلاحظني أحد، قضينا وقتاً ممتعاً في لعبة الإستغماية وضحكنا كثيراً واستمتعنا بالحوش في غير أوقات الفسحة.






صعدنا سوياً اللفصل بعد أن رن الجرس معلناً انتهاء هذه الحصة وبداية الأخري، دخلت إلي الفصل لأجد أبلة نجوي ممسكة بعصايا طويلة وكانت تصرخ في وجهي "انتي كنتي فين ايه اللي نزلك مع النصاري انتي مش مسلمة افتحي ايديك متتدخليش المدرسة تاني غير معاكي ولي أمرك" كنت أبكي غير مصدقة أو مدركة سر هذا الغضب والضرب المبرح..ضربتني علي ايدي عشر خرزانات.






وتوالت الأحداث بعد ذلك رفضت الذهاب إلي المدرسة وغيرت فصل أبلة نجوي..وتاتي لي أبلة نجوي ذات صباح في الشارع لتؤكد لي أنها تتذكر كل الأحداث وأنها غير مصدقة لما آلت إليه أحد تلامذتها من هذا التبرج والتشبه بالنصاري، لم أصدق في البداية أن ما يحدث حقيقي وأن هذه الذكري البائسة تعود لي ثانية متجسدة حقيقية بنفس التفاصيل، استجمعت نفسي وأنا أسمع كلامها الكريهه "اللي يشوفك في الشارع من بعيد يفرقك عن النصاري ازاي؟" رددت عليا مندهشه هوا ليه أصلا انتي مهتمه ان انتي تعرفي مين دينه ايه!!، قالت لي عشان اعرف أتعامل معاه ازاي؟؟نظرت إليها غير مصدقة..قالتلي أبسط حاجة مثلا أنا ما اقولش لواحدة نصرانية السلام علكيم ورحمة الله وبركاته لأن دا معناه اني بأدعيلها بالهداية وبعدين هتلاقيهم أصلا بيردوا عليكي يقولوا ايه"السام عليكوا" ودا معناه انهم بيدعولنا بالعذاب!!!






انتبهت قائلة لها انتي أصلا مش بتتظاهري مع المدرسين وتشاركي في الإضرب ليه ولا بس هوا دا الكلام اللي ببتعرفوا تقوله..دافعوا عن حقوقوا بقي وكفاية سلبية وكره، وانفجرت بها وواجهتها بمشاعري ناحيتها وكوابيس الطفولة وقلت لها أن وجودها في مدرسة ابتدائية هو جريمة تركتبها بحق الأجيال المتعاقبة..وأني أكرهها للغاية، وتركتها تحدق في غير مصدقة وانصرفت..








بداخلي مشاعر متناقضة لا استطيع فكها، إحساس بالإنتصار علي أسوأ كوابيسي ومواجهتهها علي ذعر حقيقي لوجود مثل هذه المرأة في مدارسنا مما يخلق أجيال مشوهه مشوشه لا تقبل الآخر ولا تعترف حتي بوجوده.